أثبتت شركة آبل الأمريكية أن مفهوم أجهزة الكمبيوتر الكل في واحد «All-in-one» مفهوم سليم. والآن تحاول الشركات المنافسة التي تعتمد على نظام التشغيل ويندوز اللحاق بهذا الركب. ولقد لاقت الفكرة، التي تتمثل في تجميع تقنيات جهاز الكمبيوتر بالكامل في جسم الشاشة، رواجاً كبيراً لدى الشركات المصنعة والتي تقوم بجذب عملائها من خلال بعض التجهيزات الإضافية مثل شاشات عاملة باللمس وتقنية ثلاثية الأبعاد مع طرح هذه الأجهزة في بعض الأحيان بأسعار تقل بوضوح عن منتجات شركة آبل الرائدة في هذا المجال.
وتُعد مزايا هذا المفهوم واضحة وجلية؛ فعندما تكون الشاشة غير منفصلة عن جسم الحاسوب، لا تكون هناك فوضى في أسلاك التوصيل. وتظهر فائدة هذا الأمر أكثر عندما تكون وحدة الاستقبال الخاصة بلوحة المفاتيح اللاسلكية والفأرة اللاسلكية مدمجة في الجهاز أيضاً. وبالتالي لا يوجد صندوق ضخم يشغل المكان أسفل المنضدة.
وفي البداية كان هناك تردد في استخدام كمبيوتر الكل في واحد «All-in-one» على المكاتب. وهذا التردد ليس بدون أسباب؛ فقد استخدمت الشركات المصنعة – بسبب الحجم – في أغلب الأحيان مكونات من عالم أجهزة النوت بوك، وهو الأمر الذي أدى انخفاض الأداء بوضوح في بعض الحالات. كما أن التباطؤ الشديد والصوت المرتفع للغاية والحجم الكبير جداً لم تجعل سمعة أجهزة الكمبيوتر المدمجة في أفضل حال.
ولكن باستخدام المكونات الحالية المتطورة أصبحت مثل هذه المخاوف جزءاً من الماضي إلى حد كبير، وذلك وفقاً لما أوضحه كريستوف فينديك، خبير الهاردوير بمجلة «c’t» المتخصصة في الكمبيوتر والصادرة بمدينة هانوفر الألمانية. وينطبق ذلك على الأقل على أجهزة الكمبيوتر في الفئة السعرية المتوسطة التي تدور حول 850 يورو، مثلما اتضح ذلك من اختبار أجرته المجلة الألمانية. أما مع الموديلات الرخيصة فإن المرء يدفع في النهاية سعراً منخفضاً مقابل شاشات رديئة ومعالجات نوت بوك بطيئة.
ولكن هناك أخبار جيدة بالنسبة للمستهلك العادي يوضحها الخبير الألماني كريستوف فينديك، ويقول :”يتم تصنيع أجهزة الكل في واحد للأشخاص الذين لا يهتمون بجميع جوانب الجودة والبراعة التقنية، وإنما يرغبون فقط بالعمل على جهاز كمبيوتر”. وبشكل أساسي يستطيع المرء أن ينصح هؤلاء المستخدمين بهذه الفئة من الأجهزة. وتقدم كثير من الشركات المنتجة، سواء كانت هيوليت باكارد وديل وآسوس وآيسر ولينوفو وسوني أو الشركات الأصغر مثل MSI أو ميديون أو باكارد بيل، حالياً باقة متنوعة من هذه الموديلات التي يمكن للمستخدم العادي أن يختار منها ما يناسبه.
ولكن ينطوي مفهوم أجهزة الكمبيوتر «الكل تحت سقف واحد» على عيوب بالنسبة لبعض مجموعات المستخدمين. فمن يضع أهمية كبيرة على قيامه باستبدال أحد مكونات الجهاز أو غيرها بنفسه، فلن يرغب في رؤية فئة هذه الأجهزة على الإطلاق. وأضاف الخبير الألماني فينديك أن عشاق ألعاب الكمبيوتر الذين يعتمدون على الرسوميات المتطورة يمكنهم حالياً نسيان فئة أجهزة الكمبيوتر الكل في واحد. كما أنه صدر عن بعض الموديلات أثناء الاختبار في ظل ظروف تحميل متوسطة صوت مرتفع للغاية، ويقول فينديك :”ينبغي على المستخدم أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار”. وبالإضافة إلى ذلك ينبغي على المستخدم مراعاة أن تكون جميع المنافذ الهامة مطابقة لأحدث المعايير، مثل منفذ USB 3.0 وذلك من أجل النقل السريع للبيانات على قرص صلب خارجي.
ومع ذلك استمرت عمليات تطوير الحاسوب من حيث الأداء، فقد أعلنت شركتي لينوفو وآسوس على سبيل المثال عن طرح موديلات مُزودة بأحدث معالجات إنتل التي تنتمي إلى البنية التكنولوجية «Sandy Bridge» والتي تجمع بين وحدة الحوسبة المركزية وشرائح الرسوميات. كما تم أيضاً استخدام الرقاقة المنافسة «Fusion» من شركة AMD في أجهزة الكمبيوتر المدمجة.
وبشكل أساسي تبدو أجهزة الكمبيوتر الكل في واحد «All-in-one» من خلال مبدأ التصميم متشابهة من حيث المظهر الخارجي، إلا أنها تختلف من الداخل بشكل كبير، مع وجود ارتباط شديد بين السعر والأداء بشكل ملفت للانتباه. ويمتد نطاق الشرائح من معالجات أتوم المخصصة لأجهزة النت بوك وصولاً إلى المعالجات فائقة الأداء Core i5. كما توجد ذاكرة وصول عشوائي بسعة اثنين إلى أربعة غيغابايت، وحتى فيما يتعلق ببطاقات الرسوميات فإن النطاق يمتد لمسافة كبيرة بين الحد الأعلى والأدني لكفاءة بطاقة الرسوميات.
وبناءً على اختلاف التجهيزات فإن هناك تبايناً كبيراً في الأسعار بين أرخص الموديلات والأجهزة الأكثر تكلفة؛ ولا يستطيع المستهلك دراسة قوائم الأسعار أو جداول المواصفات الفنية بدقة. وأوضح الخبير الألماني فينديك قائلاً :”مع أجهزة الكمبيوتر المكتبية التقليدية يحصل المستهلك على المزيد من قوة الحوسبة الإضافية مقابل الأموال التي يتكبدها”. أما سعر كمبيوتر الكل في واحد «All-in-one» فيوازي ما قد يدفعه المستهلك مقابل جهاز iMac.
وبالإضافة إلى ذلك تحاول الكثير من الشركات المنتجة اجتذاب العملاء من خلال تزويد أجهزة الكمبيوتر بشاشات عاملة باللمس أو عرض الصور بتقنية ثلاثية الأبعاد. وعلى الأقل تركت خاصية الاستعمال عن طريق الأصابع انطباعاً قليلاً لدى خبراء مجلة «c’t». وفي الوقت الراهن لا يتوافر سوى عدد قليل من برامج أجهزة الكمبيوتر المكتبية العاملة باللمس، كما أنها طريقة غير مريحة في الاستخدام. ويعزي خبراء المجلة الألمانية السبب في ذلك قائلين :”يتعين على المرء في تلك الأثناء أن يظل ذراعه ممدوداً على الدوام، ومن خلال ذلك سرعان ما يدب فيها شعور بالتعب والإرهاق”. أما وظيفة عرض الصور بتقنية ثلاثية الأبعاد فتستنزف كثيراً من المال، لأنها تحتاج إلى نظارة خاصة ذات مغلاق للرؤية، وهو الأمر الذي يعني تكاليف إضافية، إذا أراد المرء مشاهدة الأفلام ثلاثية الأبعاد برفقة الأصدقاء.

Posted by
مشاركة7:43 م
on
0
التعليقات